كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


<تنبيه> ما ذكر من أن سياق الحديث هكذا هو ما جرى عليه المؤلف وقد سقط من قلمه بعضه فإن لفظ الحديث ما نحل والد ولده من نحلة أفضل من أدب حسن هكذا هو عند مخرجه الترمذي فسقك الجار والمجرور من قلم المؤلف سهواً‏.‏ قال الطيبي‏:‏ جعل الأدب الحسن من جنس المال والعطيات للمبالغة قال ابن الأثير‏:‏ والنحلة بالكسر العطية والهبة ابتداء من غير عوض ولا استحقاق‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ في البر ‏(‏ك‏)‏ في الأدب من حديث أيوب بن موسى عن أبيه ‏(‏عن‏)‏ جده ‏(‏عمرو بن سعيد بن العاص‏)‏ بن سعيد بن أمية القرشي الأموي المعروف بالأشدق التابعي ولي إمرة المدينة لمعاوية قتله عبد الملك بن مروان ووهم من زعم أن له صحبة وإنما لأبيه رؤية وكان مسرفاً على نفسه قال الترمذي‏:‏ حسن غريب مرسل أي لأن عمراً لم يدرك النبي صلى اللّه عليه وسلم فهو تابعي كما تقرر، وقال الحاكم‏:‏ صحيح فرده الذهبي وقال‏:‏ بل مرسل ضعيف ففيه عامر بن صالح الخزاز واه، إلى هنا كلامه، وقال الهيثمي‏:‏ رواه الطبراني عن ابن عمر وفيه عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير وهو متروك اهـ‏.‏ ورواه البيهقي في الشعب عازياً للبخاري في التاريخ‏.‏

8119 - ‏(‏ما نفعني مال قط ما نفعني مال أبي بكر‏)‏ الصديق وتمامه فبكى أبو بكر وقال‏:‏ هل أنا ومالي إلا لك يا رسول اللّه‏؟‏ وفي رواية عن ابن المسيب مرسلاً أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان يقضي في مال أبي بكر كما يقضي في مال نفسه وهذا لا ينافيه خبر البخاري أنه لم يأخذ الراحلة إلى الهجرة إلا بالثمن لاحتمال أنه أبرأه منه، وأخرج ابن عساكر أن أبا بكر أسلم وله أربعون ألف دينار فأنفقها على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏.‏

- ‏(‏حم ه‏)‏ وكذا أبو يعلى ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ رمز لحسنه قال الهيثمي‏:‏ رجاله رجال الصحيح غير إسحاق بن أبي إسرائيل وهو ثقة مأمون اهـ‏.‏ وبه يعرف أن اقتصار المصنف على رمزه لحسنه تقصير بل حقه الرمز لصحته‏.‏

8120 - ‏(‏ما نقصت صدقة من مال‏)‏ قال الطيبي‏:‏ من هذه يحتمل أن تكون زائدة أي ما نقصت صدقة مالاً ويحتمل أن تكون صلة لنقصت والمفعول الأول محذوف أي ما نقصت شيئاً من مال في الدنيا بالبركة فيه ودفع المفسدات عنه والإخلاف عليه بما هو أجدى وأنفع وأكثر وأطيب ‏{‏وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه‏}‏ أو في الآخرة بإجزال الأجر وتضعيفه أو فيهما وذلك جابر لأصناف ذلك النقص بل وقع لبعض الكمل أنه تصدق من ماله فلم يجد فيه نقصاً قال الفاكهاني‏:‏ أخبرني من أثق به أنه تصدق من عشرين درهماً بدرهم فوزنها فلم تنقص‏.‏ قال‏:‏ وأنا وقع لي ذلك‏.‏ وقول ‏[‏ص 504‏]‏ الكلاباذي‏:‏ قد يراد بالصدقة الفرض وبإخراجها لم تنقص ماله لكونها ديناً فيه بعد لا يخفى ‏(‏وما زاد اللّه عبداً بعفو‏)‏ أي بسبب عفوه ‏(‏إلا عزاً‏)‏ في الدنيا فإن من عرف بالعفو والصفح عظم في القلوب أو في الآخرة بأن يعظم ثوابه أو فيهما ‏(‏وما تواضع أحد للّه‏)‏ من المؤمنين رقاً وعبودية في ائتمار أمره والانتهاء عن نهية ومشاهدته لحقارة النفس ونفي التعجب عنها ‏(‏إلا رفعه اللّه‏)‏ في الدنيا بأن يثبت له في القلوب بتواضعه منزلة عند الناس ويجل مكانه، وكذا في الآخرة على سرير خلد لا يفنى ومنبر ملك لا يبلى ومن تواضع للّه في تحمل مؤن خلقه كفاه اللّه مؤنة ما يرفعه إلى هذه المقام ومن تواضع في قبول الحق ممن دونه قبل اللّه منه مدخول طاعاته ونفعه بقليل حسناته وزاد في رفعة درجاته وحفظه بمعقبات رحمته من بين يديه ومن خلفه، واعلم أن من جبلة الإنسان الشح بالمال ومتابعة السبعية من آثار الغضب والانتقام والاسترسال في الكبر الذي هو نتائج الشيطنة فأراد الشارع أن يقلعها من نسخها فحث أولاً على الصدقة ليتحلى بالسخاء والكرم وثانياً على العفو ليتعزز بعز الحلم والوقار وثالثاً على التواضع ليرفع درجاته في الدارين‏.‏

- ‏(‏حم م‏)‏ في الأدب ‏(‏ت‏)‏ في البر ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ ولم يخرجه البخاري‏.‏

8121 - ‏(‏ما وضعت قبلة مسجدي هذا حتى فرج لي ما بيني وبين الكعبة‏)‏ ولهذا امتنع الاجتهاد فيه ولو يمنة ويسرة بخلاف غيره من المساجد فإنه يجوز فيه يمنة ويسرة‏.‏

- ‏(‏الزبير بن بكار في‏)‏ كتاب ‏(‏أخبار المدينة عن ابن شهاب مرسلاً‏)‏ وهو الزهري‏.‏

8122 - ‏(‏ما ولد في أهل بيت غلام إلا أصبح فيهم عز لم يكن‏)‏ والأصل في الولد أنه نعمة وموهبة من اللّه وكرامة ومن ثم امتن علينا سبحانه بأن أخرج من أصلابنا أمثالنا ‏{‏وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة‏}‏‏.‏

- ‏(‏طس هب عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب قال الهيثمي‏:‏ فيه هاشم بن صالح ذكره ابن أبي حاتم ولم يخرجه ولم يوثقه وبقية رجاله وثقوا‏.‏

8123 - ‏(‏ما يحل لمؤمن أن يشتد إلى أخيه‏)‏ في الإسلام ‏(‏بنظرة تؤذيه‏)‏ فإن إيذاء المؤمن حرام ونبه بحرمة النظر على حرمة ما فوقه من نحو سب أو شتم أو ضرب بالأولى‏.‏

- ‏(‏ابن المبارك‏)‏ في الزهد ‏(‏عن حمزة بن عبيد مرسلاً‏)‏ هو ابن عبد اللّه ابن عمر قال الذهبي‏:‏ ثقة إمام‏.‏

8124 - ‏(‏ما يخرج رجل شيئاً من صدقة حتى يفك عنها لحيي سبعين شيطاناً‏)‏ لأن الصدقة على وجهها إنما يقصد بها ابتغاء مرضاة اللّه والشياطين بصدد منع الإنسان من نيل هذه الدرجة العظمى فلا يزالون يأبون في صده عن ذلك والنفس لهم على الإنسان ظهيرة لأن المال شقيق الروح فإذا بذله في سبيل اللّه فإنما يكون برغمهم جميعاً ولهذا كان ذلك أقوى دليلاً على استقامته وصدق نيته ونصوح طويته والظاهر أن ذكر السبعين للتكثير لا للتحديد كنظائره‏.‏

- ‏(‏حم ك‏)‏ في الزكاة ‏(‏عن بريدة‏)‏ قال الحاكم‏:‏ على شرطهما وأقره الذهبي عليه في التلخيص وقال في المهذب‏:‏ قلت لم يخرجوه‏.‏

8125 - ‏(‏مانع الحديث أهله كمحدثه غير أهله‏)‏ في كونهما سواء في الإثم، إذ ليس الظلم في منع المستحق بأقل من الظلم في إعطاء غير المستحق‏.‏

- ‏(‏فر عن ابن مسعود‏)‏ وفيه إبراهيم الهجري وقد سبق ضعفه ويحيى بن عثمان قال الذهبي‏:‏ جرحه ابن حبان‏.‏

‏[‏ص 505‏]‏ 8126 - ‏(‏مانع الزكاة يوم القيامة في النار‏)‏ أي نار جهنم وهذا حث للمؤمنين على أداء الزكاة وتخويف شديد من منعها حيث جعل المنع من أوصاف أهل الكفر الذين هم أهل النار‏.‏

<تنبيه> منع الزكاة أكبر درجات البخل وأداؤها أقل درجات الجود والسخاء الذي هو البسط في الأيدي والأعضاء فلم يجد في المال حركة ولا موضعاً ينشط فيه بالمشي لأن الحركات والسكنات في الآخرة إنما هي معاني الديانات لا يجد العبد إلا ما قدم ولا يتصرف إلا فيما كان فيه والمال له علاقة بقلب مالكه فهو يملكه ويشده ويضمه إليه بتلك العلاقة والمال طائع له وتابع حيثما تصرف بالعلاقة التي تجذبه بها إلى ملكه فمن لا يؤدي الزكاة فقد أحب المال الحب الكلي ومال به المال إليه وباستغراق الحب فيه تعبده المال وصار ذليلاً لمحبوبه تعس عبد الدنيا وخاب وخسر في العقبى‏.‏ واعلم أن التزكية من صفات الأرواح لأنها وصف من صفات المزكي سبحان هو تنزيه المتصف بها عن رذيلة البخل ووصفه بصفة الجود، لكن المقتصر على أداء الزكاة في أقل درجاتها وإنما التزكية فيمن بذل المال في وجوه البر‏.‏ واعلم بأن الوجود كله متعبد للّه بالزكاة‏.‏ انظر إلى الأرض التي هي أقرب الأشياء إليك تجدها تعطي أقرب الخلق إليها وهم من على ظهرها جميع بركاتها لا تبخل عليهم بشيء مما عندها وكذا النبات يعطي ما عنده وكذا الحيوان والسماء والأفلاك الكل متعاون بعضه لبعض لا يدخر شيئاً مما عنده في طاعة اللّه لأن الوجود كله فقير بعضه إلى بعض قد لزم الفقر وشملته الحاجة فعطف بعضه على بعض وإعطاؤه ما عنده هو زكاته فمانع الزكاة قد خالف أهل السماء والأرض وجميع الموجودات فلذلك وجب قتاله وقهره في الدنيا وأدخل النار في العقبى‏.‏

- ‏(‏طص عن أنس‏)‏ بن مالك قال الهيثمي‏:‏ فيه سعد بن سنان وفيه كلام كثير وقد وثق ورواه عنه أيضاً الرازي في مشيخته قال ابن حجر‏:‏ إن كان هذا محفوظاً فهو حسن وفيه رد على قول ابن الصلاح‏:‏ لم نجد له أصلاً‏.‏

8127 - ‏(‏مثل الإيمان مثل القميص تقمصه مرة وتنزعه مرة‏)‏ لأن للإيمان نوراً يضيء على القلب فإذا ولجت الشهوات على القلب حالت بينه وبين ذلك النور فحجب القلب عن الرب فإذا تاب راجعه النور وذلك النور يسمى إيماناً فإذا اطمأن العبد إلى شهوته نفر ذلك النور وفر فإذا آب عاد ذلك النور فاستنار القلب وهكذا وعلى ذلك ما رواه الحكيم الترمذي عن أبي أيوب مرفوعاً ليأتين على الرجل أحايين وما في جلده موضع إبرة من نفاق وليأتين عليه أحايين وما فيه موضع إبرة من إيمان لأنه في وقت فعله الزنا مثلاً يصير عنه محجوباً عن النور وذلك أصله المآكل الردية والمكاسب الدنية والأخلاق البذية والحقد والغل والغش والحرص على الدنيا والتهافت عليها ونحو ذلك من الأمراض القلبية‏.‏

<تنبيه> قال القاضي‏:‏ المثل الصفة العجيبة وهو في الأصل بمعنى المثل الذي هو النظير ثم استعير للقول السائر الممثل مضربه بمورده وذلك لا يكون إلا قولاً فيه غرابة ثم استعير لكل ما فيه غرابة من قصة وحال وصفة‏.‏

- ‏(‏ابن قانع‏)‏ في المعجم ‏(‏عن والد معدان‏)‏ وهو من حديث أحمد بن سهل الأهوازي عن علي بن بحر عن بقية عن خالد بن معدان عن أبيه عن جده قال في الميزان‏:‏ وهذا خبر منكر وإسناده مركب ولا نعرف لخالد رواية عن أبيه ولا لأبيه ولا جده ذكر في شيء من كتب الرواة واختلف في اسم جده فقيل أبو كرب وقيل شمس وقيل ثور حكاها ابن قانع والأول هو المعروف اهـ قال ع ‏[‏أبو يعلى في مسنده‏]‏‏:‏ والموجود في كتب التواريخ خالد بن معدان بن أبي كرب الكلاعي قال الكمال بن أبي شريف‏:‏ ولعل هذه كنيته وذاك اسمه وخالد أحد الأئمة المشهورين المتفق عليهم وأبوه وجده قال ع ‏[‏أبو يعلى في مسنده‏]‏‏:‏ لم أر لهما ذكراً إلا في ابن قانع‏.‏

‏[‏ص 506‏]‏ 8128 - ‏(‏مثل البخيل والمتصدق‏)‏ في رواية البخيل والمنفق ‏(‏كمثل‏)‏ بزيادة الكاف أو مثل ‏(‏رجلين عليهما جبتان‏)‏ بضم الجيم وشد الموحدة وروي بنون أي درعان ورجح بقوله ‏(‏من حديد‏)‏ وادعى بعضهم أنه تصحيف والجبة الحصن وبها سمي الدرع لأنها تجن صاحبها أي تحصنه والجبة بموحدة ثوب معروف ‏(‏من ثديهما‏)‏ بضم المثلثة وكسر الدال المهملة ومثناة تحتية مشددة جمع ثدي كفلس ‏(‏إلى تراقيهما‏)‏ جمع ترقوة العظمين المشرفين في أعلى الصدر ‏(‏فأما المنفق فلا ينفق‏)‏ شيئاً ‏(‏إلا سبغت‏)‏ بفتح المهملة وموحدة مخففة وغين معجمة امتدت وعظمت ‏(‏على جلده حتى تخفى‏)‏ بضم المثناة الفوقية ومعجمة ساكنة وفاء مكسورة وفي رواية بجيم ونون أي تستر ‏(‏بنانه‏)‏ بفتح الموحدة ونونين أصابعه أو أنامله وصحفها بعضهم ثيابه بمثلثة فمثناة تحت ‏(‏وتعفوا أثره‏)‏ محركاً بالنصب عطفاً على تخفي وكلاهما مسند لضمير الجبة أي تمحو أثر مشيه لسبوغها يعني أن الصدقة تستر خطاياه كما يغطي الثوب جميع بدنه والمراد أن الجواد إذا همَّ بالصدقة انشرح لها صدره وطابت بها نفسه فوسع في الإنفاق ‏(‏وأما البخيل فلا يريد أن ينفق شيئاً إلا لزقت‏)‏ بكسر الزاي التصقت ‏(‏كل حلقة‏)‏ بسكون اللام ‏(‏مكانها‏)‏ قال الطيبي‏:‏ قيد المشبه به بالحديد إعلاماً بأن القبض والشدة جبلي للإنسان وأوقع المتصدق موضع السخي لجعله في مقابلة البخيل إيذاناً بأن السخاء ما أمر به الشارع وندب إليه لا ما يتعاناه المسرفون ‏(‏فهو يوسعها فلا تتسع‏)‏ ضرب المثل برجل أراد لبس درع يستجن به فحالت يداه بينها وبين أن تمر على جميع بدنه فاجتمعت في عنقه فلزمت ترقوته والمراد أن البخيل إذا حدث نفسه بالصدقة شحت وضاق صدره وغلت يداه‏.‏

- ‏(‏حم ق ن عن أبي هريرة‏)‏ وزعم بعضهم أن قوله وهو يوسعها إلخ مدرج من كلام أبي هريرة وهو وهم لورود التصريح برفعه في رواية‏.‏

8129 - ‏(‏مثل البيت الذي يذكر اللّه فيه والبيت الذي لا يذكر اللّه فيه مثل الحي والميت‏)‏ تشبيه البيت بالحي والميت من حيث وجود الذكر وعدمه شبه الذاكر بالحي الذي تزين ظاهره بنور الحياة وإشراقها فيه وبالتصرف التام فيما يريد وباطنه منور بالعلم والفهم فكذا الذاكر يزين ظاهره بنور العمل وباطنه بنور العلم والمعرفة فقلبه قار في حظيرة القدس وسره في مخدع الوصل وغير الذاكر ظاهره عاطل وباطنه باطل وقيل المضاف فيه مقدر أي مثل ساكن البيت واعترض بأن ساكن البيت حي فكيف يكون مثل الميت‏؟‏ وأجيب بأن الحي المشبه به من ينتفع بحياته بذكر اللّه وطاعته فلا يكون نفس المشبه كما شبه المؤمن بالحي والكافر بالميت مع كونهما حيين في آية ‏{‏أو من كان ميتاً فأحييناه‏}‏‏.‏ على أن تشبيه غير الذاكر من جهة أن ظاهره عاطل وباطنه باطل أنسب من تشبيه بيته به‏.‏

- ‏(‏ق عن أبي موسى‏)‏‏.‏

8130 - ‏(‏مثل الجليس‏)‏ على وزن فعيل يقال جالسته فهو جليسي ‏(‏الصالح و‏)‏ مثل ‏(‏الجليس السوء‏)‏ الأول ‏(‏كمثل صاحب‏)‏ في رواية حامل ‏(‏المسك‏)‏ المعروف وفي رواية أخرى كحامل المسك وهو أعم من أي يكون صاحبه أو لا ‏(‏و‏)‏ الثاني كمثل بزيادة الكاف ‏(‏كير الحداد‏)‏ بكسر الكاف أصله البناء الذي عليه الرق سمي به الرق مجازاً للمجاورة ‏(‏لا يعدمك‏)‏ بفتح أوله وثالثه من العدم أي لا يعدمك إحدى خصلتين أي لا يعدوك ‏[‏ص 507‏]‏ ‏(‏من صاحب المسك إما تشتريه أو تجد ريحه‏)‏ فاعل يعدم مستتر يدل عليه إما أي لا يعدو أحد الأمرين أو كلمة أما زائدة وتشتريه فاعله بتأويله بمصدر وإن لم يكن فيه حرف مصدري ذكره الكرماني وتعقبه البرماوي بأن الظاهر أن الفاعل موصوف تشتري أي إما شيء تشتريه أو تجد ريحه ‏(‏وكير الحداد يحرق بيتك أو‏)‏ ثوبك في رواية ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك ولم يذكر البيت وهي أوضح ‏(‏أو تجد منه ريحاً خبيثة‏)‏ بين به النهي عن مجالسة من يتأذى به ديناً أو دنيا والترغيب فيمن ينتفع بمجالسته فيهما وجواز بيع المسك وطهارته‏.‏

- ‏(‏خ‏)‏ في البيع ‏(‏عن أبي موسى‏)‏ الأشعري، قال الراغب‏:‏ نبه بهذا الحديث على أن حق الإنسان أن يتحرى بغاية جهده مصاحبة الأخيار ومجالستهم فهي قد تجعل الشرير خيراً كما أن صحبة الأشرار قد تجعل الخير شريراً قال الحكماء‏:‏ من صحب خيراً أصاب بركته فجليس أولياء اللّه لا يشقى وإن كان كلباً ككلب أهل الكهف ولهذا أوصت الحكماء الأحداث بالبعد عن مجالسة السفهاء، قال علي كرم اللّه وجهه‏:‏ لا تصحب الفاجر فإنه يزين لك فعله ويود لو أنك مثله، وقالوا‏:‏ إياك ومجالسة الأشرار فإن طبعك يسرق منهم وأنت لا تدري وليس إعداء الجليس جليسة بمقاله وفعاله فقط بل بالنظر إليه والنظر في الصور يورث في النفوس أخلاقاً مناسبة لخلق المنظور إليه فإن من دامت رؤيته للمسرور سر أو للمحزون حزن وليس ذلك في الإنسان فقط بل في الحيوان والنبات فالحمل الصعب يصير ذلولاً بمقاربة الجمل الذلول والذلول قد ينقلب صعباً بمقارنة الصعاب والريحانة الغضة تذبل بمجاورة الذابلة ولهذا يلتقط أهل الفلاحة الرمم عن الزرع لئلا تفسدها ومن المشاهد أن الماء والهواء يفسدان بمجاورة الجيفة فما الظن بالنفوس البشرية التي موضعها لقبول صور الأشياء خيرها وشرها‏؟‏ فقد قيل سمي الإنس لأنه يأنس بما يراه خيراً أو شراً‏.‏

8131 - ‏(‏مثل الجليس الصالح مثل العطار إن لم يعطك من عطره أصابك من ريحه‏)‏ قال بعض العارفين‏:‏ في ضمنه إرشاد إلى الأمر بمجالسة من تنتفع بمجالسته في دينك من علم تستفيده أو عمل يكون فيه وأحسن خلق يكون فيه وأحسن خلق يكون عليه فإن الإنسان إذا جالس من تذكره مجالسته الآخرة فلا بد أن ينال منه بقدر ما يوفقه اللّه بذلك وإذا كان الجليس له هذا التعري فاتخذ اللّه جليساً بالذكر والقرآن‏.‏ وفي الخبر القدسي أنا جليس من ذكرني‏.‏

- ‏(‏د ك‏)‏ في الأدب ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك قال الحاكم‏:‏ صحيح وأقره الذهبي‏.‏

8132 - ‏(‏مثل الرافلة في الزينة‏)‏ أي المتبخترة فيها يقال رفل إزاره إذا أرخاه ‏(‏في غير أهلها‏)‏ أي فيمن يحرم نظره إليها ‏(‏كمثل ظلمة يوم القيامة لا نور لها‏)‏ أي المرأة قال ابن العربي‏:‏ معناه صحيح ظاهر فإن اللذة في المعصية عذاب والراحة نصب والشبع جوع والبركة محق والنور ظلمة والطيب نتن وعكسه الطاعات كخلوف فم الصائم أطيب عند اللّه من ريح المسك ودم الشهيد اللون لون دم والريح ريح المسك قال في الفردوس‏:‏ والرفل التمايل في المشي مع جر ذيل يريد أنها تأتي يوم القيامة سوداء مظلمة كأنها متجسدة من ظلمة والمتبرجة بالزينة لغير زوجها يقال رفل ذيله أزاله وأسبله أرخاه‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ عن ‏(‏ميمونة بنت سعد‏)‏ أو سعيد صحابية روى عنها أيوب بن خالد وغيره‏.‏

8133 - ‏(‏مثل الصلوات الخمس‏)‏ المكتوبة ‏(‏كمثل نهر‏)‏ بزيادة الكاف أو مثل وهو بفتح الهاء وسكونها ‏(‏جار عذب‏)‏ ‏[‏ص 508‏]‏ أي طيب لا ملوحة فيه ‏(‏على باب أحدكم‏)‏ إشارة لسهولته وقرب تناوله ‏(‏يغتسل فيه كل يوم خمس مرات فما‏)‏ استفهامية في محل نصب لقوله ‏(‏يبقى‏)‏ بضم أوله وكسر ثالثه وقدم عليه لأن الاستفهام له الصدر ‏(‏ذلك من الدنس‏)‏ بالتحريك أي الوسخ زاد البخاري فذلك مثل الصلاة وهو جواب الشرط المحذوف أي إذا علمتم ذلك وفائدة التمثيل التأكيد وجعل المفعول كالمحسوس حيث شبه المذنب المحافظ على الخمس بحال مغتسل في نهر كل يوم خمساً بجامع أن كلاً منهما يزيل الأقذار وخص النهر بالتمثيل لمناسبته لتمكين حق الصلاة ووجوبها لأن النهر لغة ما أخذ لمجراه محلاً مكيناً وفيه فضل الصلاة لأول وقتها لأن الاغتسال في أول اليوم أبلغ في النظافة‏.‏

- ‏(‏حم م عن جابر‏)‏‏.‏

8134 - ‏(‏مثل العالم الذي يعلم الناس الخير وينسى نفسه كمثل السراج يضيء للناس‏)‏ في الدنيا ‏(‏ويحرق نفسه‏)‏ بنار الآخرة فصلاح غيره في هلاكه هذا إن لم يدع إلى طلب الدنيا وإلا فهو كالنار المحرقة التي تأكل نفسها وغيرها فالعلماء ثلاثة إما منقذ نفسه وغيره وهو الراغب إلى اللّه عن الدنيا ظاهراً وباطناً وإما مهلك نفسه وغيره وهو الداعي إلى الدنيا وإما مهلك نفسه منقذ غيره وهو من دعا إلى الآخرة ورفض الدنيا ظاهراً ولم يعمل بعلمه باطناً وهذا وعيد لمن كان له ذكر أو ألقى السمع وهو شهيد، وكان علماء الصحب في غاية من الوجل والخوف ولذلك قالت عائشة رضي اللّه عنها لفتى اختلف إليها يسألها وتحدثه فجاءها ذات يوم فقالت‏:‏ أي شيء عملت بعد بما سمعت قال‏:‏ مه قالت‏:‏ فما تستكثر من حجج اللّه علينا وعليك وقال عيسى عليه الصلاة والسلام للحواريين تعملون للدنيا وأنتم ترزقون فيها ولا تعملون للآخرة وأنتم لا ترزقون فيها إلا بعمل وقال‏:‏ يا علماء السوء بلا عمل جعلتم الدنيا على رؤوسكم والآخرة تحت أقدامكم قولكم شفاء وعملكم داء كشجرة الدفلي تعجب من رآها وتقتل من أكلها‏.‏

- ‏(‏طب والضياء‏)‏ المقدسي ‏(‏عن جندب‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ رواه الطبراني من طريقين في أحدهما ليث بن أبي سليم مدلس وفي أخرى علي بن سليمان الكلبي ولم أعرفه وبقية رجالهما ثقات اهـ‏.‏ وقضية صنيع المؤلف أن ما أورده هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه الطبراني ومن سمع الناس بعلمه سمع اللّه به واعلموا أن أول ما ينتن من أحدكم إذا مات بطنه فلا يدخل بطنه إلا طيباً ومن استطاع منكم أن لا يحول بينه وبين الجنة ملء الكف من دم فليفعل‏.‏

8135 - ‏(‏مثل القلب مثل الريشة‏)‏ وفي رواية كريشة، قال الطيبي‏:‏ المثل هنا بمعنى الصفة لا القول السائر والمعنى صفة القلب العجيبة الشأن وورود ما يرد من عالم الغيب وسرعة تقلبه كصفة ريشة يعني أن القلب في سرعة تقلبه لحكمة الابتلاء بخواطر ينحرف مرة إلى حق ومرة إلى باطل وتارة إلى خير وتارة إلى شر وهو في مقره لا ينقلب في ذاته غالباً إلا بقاهر مزعج من خوف مفرط ‏(‏تقلبها الرياح بفلاة‏)‏ لفظ رواية أحمد بأرض فلاة أي بأرض خالية من العمران فإن الرياح أشد تأثيراً فيها منها في العمران وجمع الرياح لدلالتها على التقلب ظهراً لبطن إذ لو استمر الريح لجانب واحد لم يظهر التقلب كما يظهر من الرياح المختلفة‏.‏ ولفظه بفلاة مقحمة فهو كقولك أخذت بيدي ونظرت بعيني تقريراً ودفعاً للتجوز، قال‏:‏ وتقلبها صفة أخرى لريشة وقال المظهر‏:‏ ظهراً بدل بعض من الضمير في تقلبها واللام في بعض بمعنى إلى ويجوز أن يكون ظهراً لبطن مفعولاً مطلقاً أي تقلبها تقليباً مختصاً وأن يكون حالاً أي تقلبها مختلفة أي وهي مختلفة ولهذا الاختلاف سمي القلب قلباً وقال الراغب‏:‏ قلب الشيء صرفه عن وجه إلى وجه وسمي قلباً لكثرة تقلبه ويعبر بالقلب عن المعاني التي تختص به من الروح والعلم والشجاعة وغيرها‏.‏ وقال الغزالي‏:‏ إنما كان كثير التقلب لأنه منزله الإلهام ‏[‏ص 509‏]‏ والوسوسة وهما أبداً يقرعانه ويلقنانه وهو معترك المسكرين الهوى وجنوده والعقل وجنوده فهو دائماً بين تناقضهما وتحاربهما والخواطر له كالسهام لا تزال تقع فيه كالمطر لا يزال يمطر عليه ليلاً ونهاراً وليس كالعين التي بين جفنين تغمض وتستريح أو تكون في ليل أو ظلمة أو اللسان الذي هو من وراء حجابين الأسنان والشفتين وأنت تقدر على تسكينه بل القلب عرش الخواطر لا تنقطع عنه بحال والآفات إليه أسرع من جميع الأعضاء فهو إلى الانقلاب أقرب ولهذا خاف الخواص على قلوبهم وبكوا عليها وصرفوا عنايتهم إليها ومقصود الحديث أن يثبت العبد عند تقلب قلبه وينظر إلى همومه بنور العلم فما كان خيراً أمسك القلب عليه وما كان شراً أمسكه عنه‏.‏

- ‏(‏ه‏)‏ في باب الإيمان بالقدر ‏(‏عن أبي موسى‏)‏ الأشعري قال الصدر المناوي‏:‏ سنده جيد ولهذا رمز المصنف لحسنه وظاهر صنيعه أنه لم يره لأعلى من ابن ماجه ولا أحق بالعزو منه مع أن الإمام أحمد رواه أيضاً باللفظ المذكور عن أبي موسى ورواه البيهقي والطبراني أيضاً عن أبي موسى الأشعري قال الحافظ العراقي‏:‏ وسنده حسن‏.‏

8136 - ‏(‏مثل الذي يعتق‏)‏ زاد في رواية ويتصدق ‏(‏عند الموت‏)‏ أي عند احتضاره ‏(‏كمثل الذي يهدى إذا شبع‏)‏ لأن أفضل الصدقة إنما هي عند الطمع والدنيا والحرص على المال فيكون مؤثراً لآخرته على دنياه صادراً فعله عن قلب سليم ونية مخلصة فإذا أخر فعل ذلك حتى حضره الموت كان استئثاراً دون الورثة وتقديماً لنفسه في وقت لا ينتفع به في دنياه فينقص حظه وإن كان اللّه قد أعطاه له فشبه ترك تأخير الصدقة عن أوانه ثم تداركه في غير أوانه بمن تفرد بالأكل واستأثر لنفسه ثم إذا شبع يؤثر به غيره وإنما يحمد إذا كان عن إيثار ‏{‏ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة‏}‏ وما أحسن موقع يهدي في هذا المقام لدلالته على الاستهزاء والسخرية‏.‏

- ‏(‏حم ت‏)‏ في الوصايا وحسنه ‏(‏ن ك‏)‏ في الوصايا ‏(‏عن أبي الدرداء‏)‏ قال الحاكم‏:‏ صحيح وأقره الذهبي وقال ابن حجر‏:‏ إسناده حسن وصححه ابن حبان ورواه البيهقي بزيادة الصدقة فقال‏:‏ مثل الذي يتصدق عند موته أو يعتق كالذي يهدي إذا شبع‏.‏

8138 - ‏(‏مثل الذي يتعلم العلم في صغره كالنقش على الحجر ومثل الذي يتعلم العلم في كبره كالذي يكتب على الماء‏)‏ لأنه في الصغر خال عن الشواغل وما صادف قلباً خالياً تمكن فيه‏.‏

أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى * فصادف قلباً خالياً فتمكنا

ونظمه نفطويه فقال‏:‏

أراني أنسى ما تعلمت في الكبر * ولست بناس ما تعلمت في الصغر

ومالعلم إلا بالتعلم في الصبا * وما الحلم إلا بالتحلم في الكبر

ولو فلق القلب المعلم في الصبا * لألقي فيه العلم كالنقش في الحجر

وما العلم بعد الشيب إلا تعسف * إذا كل قلب المرء السمع والبصر

وهذا غالبي فقد تفقه القفال والقدوري بعد الشيب ففاقوا الشباب‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي الدرداء‏)‏ قال المصنف في الدرر‏:‏ سنده ضعيف وقال الهيثمي‏:‏ فيه مروان بن سالم الشامي ضعفه الشيخان وأبو حاتم ورواه العسكري أيضاً بلفظ ‏"‏مثل الذي يتعلم في صغره كالرسم على الصخرة والذي يتعلم في الكبر كالذي يكتب على الماء‏"‏‏.‏

‏[‏ص 510‏]‏ 8137 - ‏(‏مثل الذي يتعلم العلم ثم لا يحدث به كمثل الذي يكنز الكنز فلا ينفق منه‏)‏ في كون كل منهما يكون وبالاً على صاحبه يعذب عليه يوم القيامة فعلى العالم أي يفيض من العلم على مستحقه لوجه اللّه تعالى ولا يرى نفسه عليهم منة وإن لزمتهم بل يرى الفضل لهم إذ هذبوا قلوبهم لأن تتقرب إلى اللّه بزراعة العلوم فيها كمن يعير أرضاً ليزرع فيها لنفسه وينفعه ولولا المتعلم ما نال ذلك المعلم قال الطيبي‏:‏ هذا على التشبيه نحو قولهم النحو في الكلام كالملح في الطعام في إصلاحه باستعماله والفساد بإهماله لا في القلة والكثرة فتشبيه المعلم بالكنز وارد في مجرد عموم النفع لا في أمر آخر، كيف لا والعلم يزيد بالإنفاق والكنز ينقص، والعلم باق والكنز فان‏.‏

فإن المال يفنى عن قريب * وإن العلم باق لا يزال

- ‏(‏طس عن أبي هريرة‏)‏ قال المنذري والهيثمي‏:‏ فيه ابن لهيعة وهو ضعيف‏.‏

8139 - ‏(‏مثل الذي يجلس يسمع الحكمة‏)‏ هي كل ما يمنع من الجهل وزجر عن القبيح ‏(‏ولا يحدث عن صاحبه إلا بشر ما يسمع كمثل رجل أتى راعياً فقال‏:‏ يا راعي أجزرني شاة من غنمك‏)‏ أي أعطني شاة تصلح للذبح يقال أجزرت القوم إذا أعطيتهم شاة يذبحونها ولا يقال إلا في الغنم خاصة ذكره ابن الأثير ‏(‏قال اذهب فخذ بأذن خيرها‏)‏ أي الغنم شاة فذهب فأخذ بأذن كلب الغنم‏.‏

- ‏(‏حم ه‏)‏ وكذا أبو يعلى ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ رمز لحسنه قال الحافظ العراقي‏:‏ سنده ضعيف وبينه تلميذه الهيثمي فقال‏:‏ فيه علي بن يزيد مختلف في الاحتجاج به‏.‏

8140 - ‏(‏مثل الذي يتكلم يوم الجمعة والإمام يخطب مثل الحمار يحمل أسفاراً‏)‏ أي كتباً كباراً من كتب العلم فهو يمشي بها ولا يدري منها إلا ما يمر بجنبه وظهره من الكد والتعب وكل من علم ولم يعمل بعلمه فهذا مثله ‏(‏والذي يقول له أنصت لا جمعة له‏)‏ أي كاملة مع كونها صحيحة

- ‏(‏حم عن ابن عباس‏)‏ رمز لحسنه وفيه محمد بن نمير أورده الذهبي في الضعفاء وقال‏:‏ ضعفه الدارقطني ومجالد الهمداني قال أحمد‏:‏ ليس بشيء وضعفه غيره‏.‏

8141 - ‏(‏مثل الذي يعلم الناس الخير وينسى نفسه‏)‏ يعني يهملها ولا يحملها على العمل بما عملت به ‏(‏مثل الفتيلة تضيء للناس وتحرق نفسها‏)‏ وهذا مثل ضربه المصطفى صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وسلم لمن لم يعمل بعلمه وفيه وعيد شديد قال أبو الدرداء‏:‏ وويل لمن لا يعلم مرة وويل لمن علم ولم يعمل ألف مرة وقال التستري‏:‏ الناس كلهم سكارة إلا العلماء والعلماء كلهم حيارى إلا من عمل بعلمه وقال الدنيا جهل وباطل إلا العلم والعلم حجة عليه إلا المعمول به والعمل هباء إلا بإخلاص والإخلاص على خطر عظيم حتى يختم به وقال الجنيد‏:‏ متى أردت أن تشرف بالعلم وتكون من أهله وتنتصب له قبل إعطائه حقه احتجب عنك نوره وكان عليك لا لك وأخذ جمع من هذا الحديث وما علي منواله أن العاصي ليس له الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لكن سيجيء في حديث التصريح بخلافه وعليه الأكثر‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ وكذا البزار ‏(‏عن أبي برزة‏)‏ الأسلمي قال المنذري‏:‏ ضعيف وقال الهيثمي‏:‏ فيه محمد بن جابر الشحمي وهو ضعيف لسوء حفظه واختلاطه قال المنذري‏:‏ ورواه الطبراني عن جندب بإسناد حسن‏.‏

‏[‏ص 511‏]‏ 8142 - ‏(‏مثل الذي يعين قومه على غير الحق مثل بعير تردَّى وهو يجر بذنبه‏)‏ لفظ رواية أبي داود كمثل بعير تردى في بئر فهو ينزع منها بذنبه اهـ قال بعضهم‏:‏ معنى الحديث أنه قد وقع في الإثم وهلك كالبعير إذا تردى في بئر فصار ينزع بذنبه ولا يقدر على الخلاص‏.‏

- ‏(‏هق‏)‏ من حديث عبد الرحمن بن عبيد اللّه بن مسعود عن أبيه ‏(‏عن ابن مسعود‏)‏ قال‏:‏ انتهيت إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فسمعته يقول فذكره، وقضية تصرف المؤلف أن هذا لم يخرج في شيء من الكتب الستة وإلا لما عدل للعزو إلى البيهقي والأمر بخلافه فقد عزاه المنذري وغيره إلى أبي داود وكذا ابن حبان في صحيحه وفيه انقطاع فإن عبد الرحمن لم يسمع من أبيه‏.‏

8143 - ‏(‏مثل الذين يغزون من أمتي ويأخذون الجعل يتقوون به على عدوهم مثل أم موسى ترضع ولدها وتأخذ أجرها‏)‏ فالاستئجار للغزو صحيح وللغازي أجرته وثوابه‏.‏

- ‏(‏د في مراسيله هق عن جبير بن نفير مرسلاً‏)‏ هو الحضرمي أخذ عن خالد بن الوليد وعبادة‏.‏ قال الحافظ العراقي‏:‏ ورواه ابن عربي من حديث معاذ وقال‏:‏ مستقيم الإسناد منكر المتن‏.‏

8144 - ‏(‏مثل المؤمن كمثل العطار إن جالسته نفعك وإن ماشيته نفعك وإن شاركته نفعك‏)‏ فيه إرشاد إلى الرغبة في صحبة العلماء والصلحاء ومجالستهم فإنها تنفع في الدنيا والآخرة وإلى تجنب مصاحبة الأشرار فإنها تورث الشر كالريح إذا هبت على الطيب عبقت طيباً، وعلى النتن حملت نتناً‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب‏.‏ قال الهيثمي‏:‏ هذا في الصحيح ورواه البزار أيضاً ورجاله موثوقون‏.‏

8145 - ‏(‏مثل المؤمن مثل النخلة ما أخذت منها من شيء نفعك‏)‏ وفي رواية أنه ما أتاك منها نفعك قال ابن حجر‏:‏ قد أفصح بالمقصود بأوجز عبارة فإن موقع التشبيه بينهما من جهة أن أصل دين المسلم ثابت وأن ما يصدر عنه من العلوم والخيور قوت للأرواح مستطاب وأنه لا يزال مستوراً بدينه وأنه ينتفع بكل ما صدر عنه حياً وميتاً، وفي صحيح ابن حبان عن ابن عمر رفعه من يخبرني عن شجرة مثلها مثل المؤمن أصلها طيب وفرعها في السماء والمراد بكون فرعها في السماء رفع عمله‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ والبزار من طريق سفيان بن حسين عن أبي بشر عن مجاهد ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب قال ابن حجر في المختصر‏:‏ وإسناده صحيح‏.‏

8146 - ‏(‏مثل المؤمن إذا لقى المؤمن فسلم عليه كمثل البنيان يشد بعضه بعضا‏)‏ فعليك بالتودد لعباد اللّه من المؤمنين بإفشاء السلام وإطعام الطعام وإظهار البشاشة بهم‏.‏

- ‏(‏خط عن أبي موسى‏)‏ الأشعري‏.‏

8147 - ‏(‏مثل المؤمن مثل النحلة‏)‏ بحاء مهملة كما في الأمثال ‏(‏لا تأكل إلا طيباً ولا تضع إلا طيباً‏)‏ قال ابن الأثير‏:‏ المشهور ‏[‏ص 512‏]‏ في الرواية بخاء معجمة وهو واحدة النخيل وروي بحاء مهملة يريد نحلة العسل ووجه الشبه حذق النحل وفطنته وقلة أذاه وحقارته ومنفعته وقنوعه وسعيه في الليل وتنزهه عن الأقذار وطيب أكله وأنه لا يأكل من كسب غيره وطاعته لأميره وأن للنحل آفات تقطعه عن عمله منها الظلمة والغيم والريح والدخان والماء والنار، وكذلك المؤمن له آفات تفقره عن عمله ظلمة الغفلة وغيم الشك وريح الفتنة ودخان الحرام ونار الهوى‏.‏

- ‏(‏طب حب عن أبي رزين‏)‏ العقيلي وفيه حجاج بن نصير‏.‏ قال الذهبي في الضعفاء‏:‏ ضعفوه أو تركوه‏.‏

8148 - ‏(‏مثل المؤمن مثل السنبلة تميل أحياناً وتقوم أحياناً‏)‏ أي هو كثير الآلام في بدنه وماله فيمرض ويصاب غالباً ويخلو من ذلك أحياناً ليكفر عنه سيئاته بخلاف الكافر فإن الغالب عليه الصحة كما مر ليجيء بسيئاته كاملة يوم القيامة‏.‏

- ‏(‏ع والضياء‏)‏ المقدسي في المختارة ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك قال الهيثمي‏:‏ فيه فهد بن حبان وهو ضعيف، ورواه عنه البزار وفيه عبيد اللّه بن سلمة ولم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح‏.‏

8149 - ‏(‏مثل المؤمن مثل السنبلة تستقيم مرة وتخر مرة ومثل الكافر مثل الأرزة‏)‏ بفتح الهمزة وفتح الراء المهملة ثم زاي على ما ذكره أبو عمرو، وقال أبو عبيدة‏:‏ بكسر الراء بوزن فاعلة وهي النابتة في الأرض، وقيل بسكون الراء شجر معروف بالشام وهو شجر الصنوبر والصنوبر ثمرتها ‏(‏لا تزال مستقيمة حتى تخر ولا تشعر‏)‏ قال في البحر‏:‏ ظاهره أن المؤمن لا يخلو من بلاء يصيبه فهو يميله تارة كذا وتارة كذا لأنه لا يطيق البلاء ولا يفارقه فمن ثم يميل يمنة ويسرة والمنافق على حالة واحدة من دوام الصحة في نفسه وأهله ويفعل اللّه ذلك بالمؤمن ليصرفه إليه في كل حال فكلما سكنت نفسه إلى شيء أمالها عنه ليدعوه بلسانه وجنانه لأنه يحب صوته فاختلاف الأحوال تميل بالمؤمن إلى اللّه والمنافق وإن اختلفت عليه الأحوال لا يرده ذلك إلى ربه لأنه أعماه وختم على قلبه فنفسه كالخشب المسندة لا تميل لشيء وقلبه كالحجر بل أشد ليس فيه رطوبة الإيمان كالأرز لا تهتز حتى تحصد بمنجل الموت، ومقصود الحديث أن يحذر المؤمن دوام السلامة خشية الاستدراج فيشتغل بالشكر ويستبشر بالأمراض والرزايا‏.‏

- ‏(‏حم والضياء‏)‏ في المختارة ‏(‏عن جابر‏)‏ بن عبد اللّه رمز المصنف لحسنه‏.‏ قال الهيثمي‏:‏ وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف ورواه عنه البزار باللفظ المزبور بسند رجاله ثقات اهـ‏.‏ وبه يعرف أن المصنف لو عزاه للبزار لصحة سنده كان أولى‏.‏

8150 - ‏(‏مثل المؤمن مثل الخامة‏)‏ وهي الطاقة الغضة اللينة من النبات التي لم تشتد بعد، وقيل ما لها ساق واحد، وألفها منقلبة عن واو ‏(‏تحمر تارة وتصفر أخرى والكافر كالأرزة‏)‏ بفتح الراء شجرة الأرز وبسكونها الصنوبر ذكره القاضي البيضاوي على ما مر تقريره وفيه وفيما قبله وبعده إشارة إلى أنه ينبغي للمؤمن أن يرى نفسه في الدنيا عارية معزولة عن استيفاء اللذات والشهوات معروضة للحوادث والمصيبات مخلوقة للآخرة لأنها جنته ودار خلوده وثباته‏.‏

- ‏(‏حم عن أبيِّ‏)‏ بن كعب قال‏:‏ دخل على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رجل قال متى عهدك بأم ملدم - أي الحمى - قال‏:‏ إن ذلك لوجع ما أصابني قط فذكره، رمز لحسنه قال الهيثمي‏:‏ وفيه من لم يسم‏.‏

8151 - ‏(‏مثل‏)‏ بفتح المثلثة بضبط المصنف ‏(‏المؤمن كمثل‏)‏ بفتح الثاء بضبطه ‏(‏خامة الزرع‏)‏ أي الطاقة الطرية اللينة أو ‏[‏ص 513‏]‏ الغضة وهي بخاء معجمة وتخفيف الميم أول ما ينبت على ساق، وتقل ابن التين عن القزاز أنها بمهملة وقاف وفسرها بالطاقة من الزرع وذكر ابن الأثير أنها خاقة بخاء معجمة وقاف، قال الحافظ‏:‏ ما لان وضعف من الزرع الغض ولحوق الهاء على تأويل السنبلة ‏(‏من حيث أتتها الريح كفتها‏)‏ بتسهيل الهمزة والمعنى أمالتها وفي رواية كفأتها وفي رواية تفيئها الرياح أي تحركها وتميلها يمنة ويسرة وأصل التفيئة إلقاء الفيء على الشيء وهو الظل فالريح إذا أمالتها إلى جانب ألقت ظلها عليه ذكره القاصي ‏(‏فإذا سكت اعتدلت وكذلك المؤمن يكفأ بالبلاء ومثل الفاجر كالأرزة صماء معتدلة حتى يقصمها اللّه تعالى إذا شاء‏)‏ أي في الوقت الذي سبقت إرادته أن يقصمه فيه، والمعنى أن المؤمن كثير الآلام في بدنه وأهله وماله وذا مكفر لسيئاته رافع لدرجاته والكافر قليلها وإن حل به شيء لم يكفر بل يأتي بها تامة يوم القيامة‏.‏

- ‏(‏ق عن أبي هريرة‏)‏‏.‏

8152 - ‏(‏مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة‏)‏ بضم الهمزة والراء مشددة الجيم وقد تخفف وقد تزاد نوناً ساكنة قبل الجيم ولا يعرف في كلام العرب ذكره بعضهم، قال ابن حجر‏:‏ وليس مراده النفي المطلق بل إنه لا يعرف في كلام فصحائهم ‏(‏ريحها طيب وطعمها طيب‏)‏ وجرمها كبير ومنظرها حسن إذ هي صفراء فاقع لونها تسر الناظرين وملمسها لين تشرف إليها النفس قبل أكلها ويفيد أكلها بعد الالتذاذ بمذاقها طيب نكهة ودباغ معدة وقوة هضم فاشتركت فيها الحواس الأربعة البصر والذوق والشم واللمس في الاحتظاء بها، ثم هي في أجزائها تنقسم إلى طبائع فقشرها حار يابس يمنع السوس من الثياب ولحمها حار رطب وحماضها بارد يابس يسكن غلمة النساء ويجلو اللون والكلف وبزرها حار مجفف فهي أفضل ما وجد من الثمار في سائر البلدان، وخص الإيمان بالطعم وصفة الحلاوة بالريح لأن الإيمان ألزم لللمؤمن من القرآن لإمكان حصول الإيمان بدون القراءة والطعم ألزم للجوهر من الريح فقد يذهب ريحه ويبقى طعمه وخص الأرتجة بالمثل لأنه يداوي بقشرها ويستخرج من جلدها دهن ومنافع وهي أفضل ثمار القرب ‏(‏ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة‏)‏ بالمثناة ‏(‏لا ريح لها‏)‏ من حيث أنه مؤمن غير تال في الحال الذي لا يكون فيه تالياً وإن كان ممن حفظ القرآن ذكره ابن عربي ‏(‏وطعمها حلو‏)‏ وفي رواية طيب أي من حيث إنه مؤمن ذو إيمان ‏(‏ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب‏)‏ لأن القرآن طيب وليس إلا أنفاس التالي والقارئ وقت قراءته ‏(‏وطعمها مر‏)‏ لأن النفاق كفر الباطن والحلاوة إنما هي للإيمان فشبهه بالريحانة لكونه لم ينتفع ببركة القرآن ولم يفز بحلاوة أجره فلم يجاوز الطيب موضع الصوت وهو الحلق ولا اتصل بالقلب ‏(‏ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة‏)‏ وهي معروف تسمى في بعض البلاد بطيخ أبي جهل ‏(‏ليس لها ريح وطعمها مر‏)‏ لأنه غير قارئ في الحال قال ابن عربي‏:‏ وعلى هذا المجرى كل كلام طيب فيه رضاً اللّه صورته من المؤمن والمنافق صورة القرآن في التمثيل غير أن كلام اللّه لا يضاهيه شيء، أشار بضرب المثل إلى أمور منها أنه ضربه بما يخرجه الشجر للمشابهة بينه وبين الأعمال فإنها من ثمرات النفوس ومنها أنه ضرب مثل المؤمن بما يخرجه الشجر ومثل الكافر مما تنبته الأرض تنبيهاً على علو شأن المؤمن وارتفاع عمله وانحطاط شأن المنافق وإحباط ‏[‏ص 514‏]‏ عمله ومنها أن الشجر المثمر لا يخلو عمن يغرسه ويسقيه وكذا المؤمن يقيض له من يعلمه ويهديه ولا كذلك الحنظلة المهملة المتروكة‏.‏

- ‏(‏حم ق 4 عن أبي موسى‏)‏ الأشعري‏.‏

8153 - ‏(‏مثل المؤمن مثل النحلة‏)‏ بحاء مهملة كما بينه العسكري ‏(‏إن أكلت أكلت طيباً وإن وضعت وضعت طيباً وإن وقعت على عود نخر لم تكسره‏)‏ لضعفها ‏(‏ومثل المؤمن مثل سبيكة الذهب إن نفخت عليها احمرت وإن وزنت لم تنقص‏)‏ وقد مر أنه إذا أطلق المؤمن غالباً أنه يعني به المؤمن الذي تكاملت فيه خصال الخير باطناً وأخلاق الإسلام ظاهراً فشبه المؤمن بذبابة العسل لقلة مؤنتها وكثرة نفعها كما قيل إن قعدت على عش لم تكسره وإن وردت على ماء لم تكدره وقال علي‏:‏ كونوا في الدنيا كالنحلة كل الطير يستضعفها وما علموا ما ببطنها من النفع والشفاء‏.‏ ومعنى إن أكلت إلخ‏:‏ أي أنها لا تأكل بمرادها وما يلذ لها بل تأكل بأمر مسخرها في قوله ‏{‏كلي من كل الثمرات‏}‏ حلوها ومرها لا تتعداه إلى غيره من غير تخليط فلذلك طاب وصفها لذة وحلاوة وشفاء فكذا المؤمن لا يأكل إلا طيباً وهو الذي حلى بإذن ربه لا بهوى نفسه فلذلك لا يصدر من باطنه وظاهره إلا طيب الأفعال وذكي الأخلاق وصالح الأعمال فلا يطمح في صلاح الأعمال إلا بعد طيب الغذاء وبقدر صفاء حله تنمو أعماله وتذكو‏.‏

- ‏(‏هب‏)‏ وكذا أحمد كلاهما ‏(‏عن ابن عمرو‏)‏ بن العاص قال الهيثمي‏:‏ رجاله رجال الصحيح غير أبي سبرة وقد وثق‏.‏

8154 - ‏(‏مثل المؤمن كمثل البيت الخرب في الظاهر فإن دخلته وجدته مونفاً‏)‏ معجباً ‏(‏ومثل الفاجر كمثل القبر المشرف المجصص يعجب من رأه وجوفه ممتلئ نتناً‏)‏ من أحسن تأمل هذا الخبر قطع بأنه مصيب في تمثيله محق في قوله، ومن دأبه الإنصاف والعمل على العدل والتسوية والنظر في الأمور بناظر العقل إذا سمع مثل هذا التمثيل علم أنه الحق الذي لا تمر الشبهة بساحته والصواب الذي لا يحوم الخطأ حوله‏.‏

- ‏(‏هب عن أبي هريرة‏)‏ وفيه شريك بن أبي نمر أورده الذهبي في الضعفاء وقال‏:‏ قال يحيى والنسائي غير قوي وقال ابن معين مرة لا بأس به وحديثه في الصحيحين‏.‏

8155 - ‏(‏مثل المؤمنين‏)‏ الكاملين في الإيمان ‏(‏في توادهم‏)‏ بشد الدال مصدر تواد أي تحاب وفي رواية بدون في فيكون بدلاً من المؤمنين بدل اشتمال ‏(‏وتراحمهم‏)‏ أي تلاطفهم ‏(‏وتعاطفهم‏)‏ قال ابن أبي جمرة‏:‏ الثلاثة وإن تفاوت معناها بينها فرق لطيف فالمراد بالتراحم أن يرحم بعضهم بعضاً لحلاوة الإيمان لا لشيء آخر وبالتواد التواصل الجالب للمحبة كالتهادي وبالتعاطف إعانة بعضهم بعضاً ‏(‏مثل الجسد الواحد‏)‏ بالنسبة لجميع أعضائه، وجه الشبه فيه التوافق في التعب والراحة ‏(‏إذا اشتكى‏)‏ أي مرض ‏(‏منه عضو تداعى‏)‏ من الدعوة ‏(‏له سائر الجسد‏)‏ أي باقيه اسم فاعل من سائر وهو مما يغلط فيه الخاصة فيستعملوه بمعنى الجميع، يعني دعاء بعضهم بعضاً إلى المشاركة في الألم ومنه تداعت الحيطان أي تساقطت أو كادت ‏(‏بالسهر‏)‏ بفتح الهاء ترك النوم لأن الألم يمنع النوم ‏(‏والحمى‏)‏ لأن فقد النوم يثيرها والحمى حرارة ‏[‏ص 515‏]‏ غريبة تشتعل في القلب فتنبث به في جميع البدن ثم لفظ الحديث خبر ومعناه أمر أي كما أن الرجل إذا تألم بعض جسده سرى ذلك الألم إلى جميع جسده فكذا المؤمنون ليكونوا كنفس واحدة إذا أصاب أحدهم مصيبة يغتم جميعهم ويقصدوا إزالتها، وفي هذا التشبيه تقريب للفهم وإظهار المعاني في الصور المرئية‏.‏

- ‏(‏حم م‏)‏ في الأدب ‏(‏عن النعمان بن بشير‏)‏ ظاهر صنيع المصنف أن ذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه والأمر بخلافه بل خرجه البخاري في الأدب لكنه أبدل مثل بتري والكل بحاله‏.‏

8156 - ‏(‏مثل المجاهد في سبيل اللّه واللّه أعلم بمن يجاهد في سبيله‏)‏ أشار به إلى اعتبار الإخلاص وهي جملة معترضة بين ما قبلها وبعدها ‏(‏كمثل الصائم القائم الدائم‏)‏ شبه حال الصائم الدائم بحال المجاهد في نيل الثواب في كل حركة وسكون أو المراد به ‏(‏الذي لا يفتر‏)‏ ساعة ‏(‏من صيام ولا صدقة‏)‏ فأجره مستمر وكذا المجاهد لا تضيع له لحظة بلا ثواب ‏(‏حتى يرجع، وتوكل اللّه تعالى للمجاهد في سبيله‏)‏ أي تكفل كما في رواية ‏(‏إن توفاه أن يدخله الجنة‏)‏ أي عند موته كما ورد في الشهداء أو عند دخول السابقين ومن لا حساب عليهم ‏(‏أو يرجعه سالماً مع أجر أو غنيمة‏)‏ أو بمعنى الواو قال عياض‏:‏ هذا تفخيم عظيم للجهاد لأن الصيام وغيره مما ذكر من الفضائل قد عدلها كلها الجهاد حتى صارت جميع حالات المجاهد وتصرفاته المباحة تعدل أجر المواظبة على الصلاة وغيرها، وقال غيره‏:‏ وهذه فضيلة ظاهرة للمجاهد يقتضي أن لا يعدل الجهاد شيء من الأعمال لكن عموم هذا الحديث خص بما دل عليه حديث ابن عباس ما العمل في أيام أفضل في هذه يعني أيام ذي الحجة، نعم استشكل هذا الحديث بحديث أحمد المار ألا أنبئكم بخير أعمالكم إلى أن قال ذكر اللّه فإن ظاهره أن مجرد الذكر أفضل من أبلغ ما يقع للمجاهد وأفضل من الإنفاق مع ما في الجهاد والنفقة من النفع المتعدي‏.‏

- ‏(‏ق ت ن‏)‏ كلهم في الجهاد ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏‏.‏

8157 - ‏(‏مثل المرأة الصالحة في النساء كمثل الغراب الأعصم‏)‏ قيل يا رسول اللّه وما الغراب الأعصم قال هو ‏(‏الذي إحدى رجليه بيضاء‏)‏ قال ابن الأعرابي‏:‏ الأعصم من الخيل الذي في يده بياض والعصمة بياض في ذراعي الظبي والوعل وقيل بياض في يديه أو إحداهما كالسوار قال الزمخشري‏:‏ وتفسير الحديث يطابق هذا القول لكنه وضع الرجل مكان اليد قالوا‏:‏ وهذا غير موجود في الغربان فمعناه لا يدخل أحد من المختالات المتبرجات الجنة اهـ‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي أمامة‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه مطرح بن زيد وهو مجمع على ضعفه وفي رواية للطبراني أيضاً كما في المغني مثل المرأة الصالحة في النساء كمثل الغراب الأعصم من مئة غراب قال الحافظ العراقي‏:‏ وسنده ضعيف ولأحمد عن عمرو بن العاص كنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بمر الظهران فإذا بغربان كثيرة فيها غراب أعصم أحمر المنقار فقال‏:‏ لا يدخل الجنة من النساء إلا مثل هذا الغراب في هذه الغربان، وإسناده صحيح وهو في السنن الكبرى للنسائي‏.‏

8158 - ‏(‏مثل المنافق كمثل الشاة العائرة‏)‏ بعين مهملة المترددة المتحيرة قال التوربشتي‏:‏ وأكثر استعماله في الناقة وهي التي ‏[‏ص 516‏]‏ تخرج من إبل إلى أخرى ليضربها الفحل ثم اتسع في المواشي ‏(‏بين الغنمين‏)‏ أي القطيعين من الغنم قال في المفصل‏:‏ قد يثنى الجمع على تأويل الجماعتين في الفرقتين قال‏:‏ ومنه هذا الحديث وقال الأندلسي في شرحه‏:‏ تثنية الجمع ليس بقياس وقد يعرض في بعض المعاني ما يحوج إلى تثنيته كما في الحديث كأنه لا يمكن التعبير بمجرد الجمع فتستحق عند ذلك تثنيته ‏(‏تعير‏)‏ في رواية أخرى تكر ‏(‏إلى هذه مرة وإلى هذه مرة‏)‏ أي تعطف على هذه وعلى هذه ‏(‏لا تدري أيهما تتبع‏)‏ لأنها غريبة ليست منهما، فكذا المنافق لا يستقر بالمسلمين ولا بالكافرين بل يقول لكل منهم أنا منكم قال الطيبي‏:‏ شبه تردده بين المؤمنين والكافرين تبعاً لهواه وقصداً لأغراضه الفاسدة كتردد الشاة الطالبة للفحل فلا تستقر على حال ولذلك وصفوا في التنزيل ‏{‏مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء‏}‏‏.‏

- ‏(‏حم م‏)‏ في أواخر الصحيح ‏(‏ن‏)‏ كلهم ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب ولم يخرجه البخاري‏.‏

8159 - ‏(‏مثل ابن آدم‏)‏ بضم الميم وشد الثاء أي صور ابن آدم ‏(‏إلى جنبه‏)‏ في الكلام حذف تقديره مثل الذي إلى جنبه وفي رواية وإلى جنبه بالواو وهو حال ‏(‏تسعة وتسعون منية‏)‏ أي موتاً يعني أن أصل خلقه الإنسان شأنه أن لا تفارقه البلايا والمصائب كما قيل البرايا أهداف المنايا، كذا قرره بعضهم وقال القاضي‏:‏ قوله مثل ابن آدم مبتدأ خبره الجملة التي بعده أو الظرف وتسعة وتسعون مرتفع به أي حال ابن آدم أن تسعة وتسعون منية متوجهة نحوه منتهية إلى جانبه قال‏:‏ وقيل خبره محذوف وتقديره مثل الذي يكون إلى جنبه تسعة وتسعون منية ولعل الحذف من بعض الرواة اهـ‏.‏ ‏(‏إن أخطأته‏)‏ تلك ‏(‏المنايا‏)‏ على الندرة جمع منية وهي الموت لأنها مقدرة بوقت مخصوص من المنى وهو التقدير لأن الموت مقدر والمراد هنا ما يؤدي إليه من أسبابه وسمى كل بلية من البلايا منية لأنها طلائعها ومقدماتها ‏(‏وقع في الهرم حتى يموت‏)‏ يعني أدركه الداء الذي لا دواء له بل يستمر إلى الموت وذكر العدد المخصص على منهج الفرض والتمثيل فليس المراد التحديد بل التكثير‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ في القدر وفي الزهد ‏(‏والضياء‏)‏ المقدسي ‏(‏عن عبد اللّه بن الشخير‏)‏ قال الترمذي‏:‏ حسن لا يعرف إلا من هذا الوجه‏.‏

8160 - ‏(‏مثل أصحابي‏)‏ في أمتي ‏(‏مثل الملح في الطعام‏)‏ بجامع الإصلاح إذ بهم صلاح الدين الدنيا ‏(‏كما لا يصلح الطعام إلا بالملح‏)‏ بحسب الحاجة إلى القدر المصلح له أي ينبغي أن يحترموا ويعظموا ويرجع إليهم ولأن الملح يحفظ الطعام ويمنع من ورود الفساد عليه فكذا الصحابة حفظوا على الأمة أصل الشرع وفروعه ولأن الملح يطيب الطعام ومتى خلا منه لا يلتذ به فكذا أصحابه ينبغي للمؤمن أن لا يفارق سيرتهم ويمزج كل فعل بحسن متابعتهم، قال في الفردوس‏:‏ قال الحسن قد ذهب ملحنا فكيف نصنع‏.‏

- ‏(‏ع عن أنس‏)‏ بن مالك رمز المصنف لحسنه وهو غير حسن قال الهيثمي‏:‏ فيه إسماعيل بن مسلم وهو ضعيف‏.‏

8161 - ‏(‏مثل أمتي مثل المطر لا يدرى‏)‏ أي بالرأي والاستنباط ‏(‏أوله خير أم آخره‏)‏ قال البيضاوي‏:‏ نفي تعلق العلم بتفاوت طبقات الأمة في الخيرية وأراد به التفاوت لاختصاص كل منهم بخاصية توجب خيريتها كما أن كل نوبة من نوب المطر لها فائدة في النماء لا يمكن إنكارها والحكم بعدم نفعها، فإن الأولين آمنوا بما شاهدوا من المعجزات وتلقوا دعوة الرسول بالإجابة والإيمان، والآخرين آمنوا بالغيب لما تواتر عندهم من الآيات واتبعوا ‏[‏ص 517‏]‏ الذين قبلهم بالإحسان وكما اجتهد الأولون في التأسيس والتمهيد اجتهد المتأخرون في التجريد والتلخيص وصرفوا عمرهم في التقدير والتأكيد فكل مغفور وسعيه مشكور وأجره موفور، إلى هنا كلام القاضي، وقد تمسك ابن عبد البر بهذا الحديث فيما رجحه من أن الأفضلية المذكورة في حديث خير الناس قرني إنما هي بالنسبة إلى المجموع لا الأفراد وأجاب عنه النووي بأن المراد ممن يشتبه عليه الحال في زمن عيسى ويرون ما في زمنه من البركة وانتظام شمل الإسلام فيشتبه الحال على من شاهد ذلك أي الزمانين خير وهذا الاشتباه مندفع بخير خير الناس قرني اهـ‏.‏

- ‏(‏حم ت عن أنس‏)‏ بن مالك ‏(‏حم عن عمار‏)‏ بن ياسر قال الهيثمي‏:‏ وفيه موسى بن عبيدة الزبدي ضعيف وقال الزركشي‏:‏ ضعفه النووي في فتاويه ‏(‏ع عن علي‏)‏ أمير المؤمنين ‏(‏طب عن ابن عمرو‏)‏ بن العاص وفيه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم وهو ضعبف ذكره أيضاً الهيثمي وقال ابن حجر في الفتح‏:‏ هو حديث حسن له طرق قد يرتقي بها إلى الصحة‏.‏ وأغرب النووي فعزاه في فتاويه إلى مسند أبي يعلى من حديث أنس بإسناد ضعيف مع أنه عند الترمذي بإسناد أقوى منه من حديث أنس وصححه ابن حبان من حديث عمار‏.‏

8162 - ‏(‏مثل أهل بيتي‏)‏ زاد في رواية فيكم ‏(‏مثل سفينة نوح‏)‏ في رواية في قومه ‏(‏من ركبها نجا‏)‏ أي خلص من الأمور المستصعبة ‏(‏ومن تخلف عنها غرق‏)‏ وفي رواية هلك ومن ثم ذهب قوم إلى أن قطب الأولياء في كل زمن لا يكون إلا منهم ووجه تشبيههم بالسفينة أن من أحبهم وعظمهم شكراً لنعمة جدهم وأخذ بهدي علمائهم نجا من ظلمة المخالفات ومن تخلف عن ذلك غرق في بحر كفر النعم وهلك في معادن الطغيان‏.‏

- ‏(‏البزار‏)‏ في مسنده ‏(‏عن ابن عباس وعن ابن الزبير‏)‏ بن العوام ‏(‏ك‏)‏ في التفسير من حديث مفضل بن صالح ‏(‏عن أبي ذر‏)‏ وقال‏:‏ على شرط مسلم فرده الذهبي بأن مفضل خرج له الترمذي فقط وضعفوه اهـ ورواه أيضاً الطبراني وأبو نعيم وغيرهما‏.‏

8163 - ‏(‏مثل بلال‏)‏ المؤذن ‏(‏كمثل نحلة‏)‏ بحاء مهملة ‏(‏غدت تأكل الحلو والمر ثم يمسي حلواً كله‏)‏‏.‏

- ‏(‏الحكيم‏)‏ الترمذي ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ ورواه عنه أيضاً الطبراني باللفظ المزبور فلو عزاه إليه كان أولى قال الهيثمي‏:‏ وإسناده حسن فعدول المصنف للحكيم واقتصاره عليه من ضيق العطن، وقد ذكر المصنف عن ابن الصلاح والنووي أن الكتب المبوَّبة أولى بالعزو إليها والركون لما فيها من المسانيد وغيرها لأن المصنف على الأبواب إنما يورد أصح ما فيه فيصلح الاحتجاج به‏.‏

8164 - ‏(‏مثل بلعم بن باعوراء في بني إسرائيل كمثل أمية بن أبي الصلت في هذه الأمة‏)‏ في كونه آمن شعره وعلمه، وكفر قلبه‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في تاريخه ‏(‏عن سعيد بن المسيب مرسلاً‏)‏‏.‏

8165 - ‏(‏مثل منى‏)‏ بالصرف وعدمه ولهذا تكتب بالألف والياء قال النووي‏:‏ والأجود صرفها وكتابتها بألف، سميت به لما يمنى أن يراق بها من الدماء ‏(‏كالرحم في ضيقه فإذا حملت وسعها اللّه‏)‏‏.‏

- ‏(‏طس عن أبي الدرداء‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ وفيه من لم أعرفه‏.‏

8166 - ‏(‏مثل هذه الدنيا‏)‏ زاد أبو نعيم في روايته من الآخرة ‏(‏مثل ثوب شق من أوله إلى آخره فبقى متعلقاً بخيط في ‏[‏ص 518‏]‏ آخره فيوشك ذلك الخيط أن ينقطع‏)‏ هذا مثل ضربه المصطفى صلى اللّه عليه وسلم للدلالة على نقص الدنيا وسرعة زوالها، قال ابن القيم‏:‏ ويوضح هذا المثل خبر أحمد عن أبي سعيد صلى بنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم العصر نهاراً ثم قام فخطبنا فلم يترك شيئاً قبل قيام الساعة إلا أخبر به حفظه من حفظه ونسيه من نسيه وجعل الناس يلتفتون إلى الشمس هل بقي منها شيء فقال‏:‏ إلا أنه لم يبق من الدنيا فيما مضى منها إلا كما بقي من يومكم هذا فيما مضى منه‏.‏

- ‏(‏هب عن أنس‏)‏ بن مالك قال الحافظ العراقي‏:‏ وسنده ضعيف وذلك لأن فيه يحيى بن سعيد العطار أورده الذهبي في الضعفاء وقال‏:‏ قال ابن عدي‏:‏ بين الضعف ورواه أبو نعيم من حديث أبان عن أنس أيضاً وقال‏:‏ غريب لم نكتبه إلا من حديث إبراهيم بن الأشعث وأبان بن أبي عياش لا تصح صحبته لأنس كان لهجاً بالعبادة والحديث ليس من شأنه اهـ‏.‏

8167 - ‏(‏مثلي ومثل الساعة كفرسي رهان، مثلي ومثل الساعة كمثل رجل بعثه قوم طليعة فلما خشي أن يسبق ألاح بثويبه‏)‏ مصغر ثوب بضبط المصنف ‏(‏أتيتم أتيتم أنا ذاك أنا ذاك‏)‏ قالوا‏:‏ أصل ذلك أن الرجل إذا أراد إنذار قومه وإعلامهم بمخوف وكان بعيداً نزع ثوبه وأشار به إليهم فأخبرهم بما دهمهم وأكثر ما يفعل ذلك طليعة القوم ورقيبهم وفعلة ذلك أبين للناظر فهو أبلغ في الاستحثاث على التأهب للعدو‏.‏

- ‏(‏هب عن سهل بن سعد‏)‏ الساعدي رمز المصنف لحسنه‏.‏

8168 - ‏(‏مثلي ومثلكم كمثل رجل‏)‏ أي صفتي وصفة ما بعثني اللّه به من إرشادكم لما ينجيكم العجيب الشأن كصفة رجل ‏(‏أوقد‏)‏ وفي رواية استوقد ‏(‏ناراً فجعل‏)‏ وفي رواية كلما أضاءت ما حولها جعل ‏(‏الفراش‏)‏ جمع فراشة بفتح الفاء دويبة تطير في الضوء شغفاً به وتوقع نفسها في النار ‏(‏والجنادب‏)‏ جمع جندب بضم الجيم وفتح الدال وضمها وحكي كسر الجيم وفتح الدال نوع على خلقة الجراد يصر في الليل صراً شديداً ‏(‏يقعن فيها ويذبهن عنها‏)‏ أي يدفع عن النار والوقوع فيها ‏(‏وأنا آخذ‏)‏ روى اسم فاعل بكسر الخاء وتنوين الذال وفعل مضارع بضم الذال بلا تنوين والأول أشهر ‏(‏بحجزكم‏)‏ جمع حجزة بضم الحاء وسكون الجيم معقد الإزار خصه لأن أخذ الوسط أقوى في المنع يعني أنا آخذكم حتى أبعدكم ‏(‏عن النار‏)‏ نار جهنم ‏(‏وأنتم تفلتون‏)‏ بشد اللام أي تخلصون ‏(‏من يدي‏)‏ وتطلبون الوقوع في النار بترك ما أمرت وفعل ما نهيت شبه تساقط الجهلة والمخالفين بمعاصيهم وشهواتهم في نار الآخرة وحرصهم على الوقوع فيها مع منعه لهم بتساقط الفراش في نار الدنيا لهواه وضعف تمييزه وعدم درايته بحر الدنيا ولو علم لم يدخلها بل ظن أن ضوء النار يريحه من ظلام الليل فكذا العاصي يظن أن المعاصي تريحه فيتعجل لذة ساعة بذلة الأبد، وفيه فرط شفقته على أمته وحفظهم عن العذاب لأن الأمم في حجر الأنبياء كالصبيان الأغبياء في أكناف الآباء وقال الغزالي‏:‏ التمثيل وقع على صورة الإكباب على الشهوات من الإنسان بإكباب الفراش على التهافت في النار لكن جهل الآدمي أشد من جهل الفراش لأن باغترارها بظاهر الضوء أحرقت نفسها وفنيت حالاً والآدمي يبقى في النار مدة طويلة أو أبداً‏.‏

- ‏(‏حم م عن جابر‏)‏ بن عبد اللّه ورواه أيضاً البخاري باختلاف يسير‏.‏

8169 - ‏(‏مجالس الذكر تنزل عليهم السكينة وتحف بهم الملائكة‏)‏ من جميع جهاتها ‏(‏وتغشاهم الرحمة ويذكرهم اللّه على ‏[‏ص 519‏]‏ عرشه‏)‏ قال حجة الإسلام‏:‏ المراد بمجالس الذكر تدبر القرآن والتفقه في الدين وتعداد نعم اللّه علينا، فقد قال مالك‏:‏ مجالس الذكر ليس مثل مجالسكم هذه يقص أحدكم وعظه على أصحابه ويسرد الحديث سرداً إنما كنا نقعد فنذكر الإيمان والقرآن ‏.‏

<فائدة> في الفتوحات أن عمار بن الراهب رأى في نومه مسكينة الطفاوية بعد موتها فقال‏:‏ مرحباً يا مسكينة قالت‏:‏ هيهات يا عمار هيهات ذهبت المسكنة وجاء الغنى الأكبر هيه ما تسأل عمن أبيح له الجنة بحذافيرها يظل حيث يشاء ‏؟‏ قال‏:‏ بم ذاك‏؟‏ قالت‏:‏ على مجالس الذكر والصبر على الحق‏.‏

- ‏(‏حل‏)‏ وكذا الخطيب ‏(‏عن أبي هريرة وأبي سعد‏)‏ رمز المصنف لحسنه‏.‏

8170 - ‏(‏مداراة‏)‏ بغير همز وأصله الهمز ‏(‏الناس صدقة‏)‏ قال العامري‏:‏ المداراة اللين والتعطف ومعناه أن من ابتلى بمخالطة الناس معاملة ومعاشرة فألان جانبه وتلطف ولم ينفرهم كتب له صدقة، قال ابن حبان‏:‏ المداراة التي تكون صدقة للمداري تخلقه بأخلاقه المستحسنة مع نحو عشيرته ما لم يشنها بمعصية والمداراة محثوث عليها مأمور بها ومن ثم قيل اتسعت دار من يداري وضاقت أسباب من يماري، وفي شرح البخاري قالوا‏:‏ المداراة الرفق بالجاهل في التعلم وبالفاسق بالنهي عن فعله وترك الإغلاظ عليه، والمداهنة معاشرة الفاسق وإظهار الرضى بما هو فيه، والأولى مندوبة والثانية محرمة وقال حجة الإسلام‏:‏ الناس ثلاثة أحدهم مثل الغذاء لا يستغنى عنه والآخر مثل الدواء يحتاج إليه في وقت دون وقت والثالث مثل الداء لا يحتاج إليه لكن العبد قد يبتلي به وهو الذي لا أنس فيه ولا نفع فتجب مداراته إلى الخلاص منه‏.‏

- ‏(‏حب طب هب عن جابر‏)‏ بن عبد اللّه هذا حديث له طرق عديدة وهذا الطريق كما قاله العلائي وغيره أعدلها فمن ثم عدل لها المصنف واقتصر عليه ومع ذلك فيه يوسف بن أسباط الراهب وأورده الذهبي في الضعفاء وقال أبو حاتم‏:‏ صدوق يخطئ كثيراً وفي اللسان عن ابن عدي‏:‏ حديث لا أعرفه إلا من حديث أصرم والعباس الراوي عنه في عداد الضعفاء وقال الهيثمي‏:‏ فيه عند الطبراني يوسف بن محمد بن المنكدر متروك وقال الحافظ في الفتح بعد ما عزاه لابن عدي والطبراني في الأوسط‏:‏ فيه يوسف بن محمد بن المنكدر ضعفوه وقال ابن عدي‏:‏ لا بأس به قال الحافظ‏:‏ وأخرجه ابن أبي عاصم في آداب الحكماء بسند أحسن منه‏.‏

8171 - ‏(‏مررت ليلة أسري بي على موسى‏)‏ أي جاوزت موسى بن عمران حال كونه ‏(‏قائماً يصلي في قبره‏)‏ لفظ رواية مسلم مررت على موسى ليلة أسري بي عند الكثيب الأحمر وهو يصلي في قبره أي يدعو اللّه ويثني عليه ويذكره، فالمراد الصلاة اللغوية وقيل المراد الشرعية وعليه القرطبي فقال‏:‏ الحديث بظاهره يدل على أنه رآه رؤية حقيقية في اليقظة وأنه حي في قبره يصلي الصلاة التي يصليها في الحياة وذلك وذلك ممكن ولا مانع من ذلك لأنه إلى الآن في الدنيا وهي دار تعبد، فإن قيل كيف يصلون بعد الموت وليس تلك حالة تكليف‏؟‏ قلنا ذلك ليس بحكم التكليف بل بحكم الإكرام والتشريف لأنهم حبب إليهم في الدنيا الصلاة فلزموها ثم توفوا وهم على ذلك فتشرفوا بإبقاء ما كانوا يحيونه عليه فتكون عبادتهم إلهامية كعبادة الملائكة لا تكليفية، ويدل عليه خبر يموت الرجل على ما عاش عليه ويحشر على ما مات عليه، ولا تدافع بين هذا وبين رؤيته إياه تلك الليلة في السماء لأن للأنبياء مراتع ومسارح يتصرفون فيما شاؤوا ثم يرجعون أو لأن أرواح الأنبياء بعد مفارقة البدن في الرفيق الأعلى ولها إشراف على البدن وتعلق به يتمكنون من التصرف والتقرب بحيث يرد السلام على المسلم وبهذا التعلق رآه يصلي في قبره ورآه في السماء فلا يلزم كون موسى عرج به من قبره ثم رد إليه بل ذلك مقام روحه واستقرارها وقبره مقام بدنه واستقراره ‏[‏ص 520‏]‏ إلى يوم معاد الأرواح لأبدانها فرآه يصلي في قبره ورآه في السماء أي كما أن نبينا بالرفيق الأعلى وبدنه في ضريحه يرد السلام على من سلم عليه ومن كثف إدراكه وغلظ طبعه عن إدراك هذا فلينظر إلى السماء في علوها وتعلقها وتأثيرها في الأرض وحياة النبات والحيوان وإلى النار كيف تؤثر في الجسم البعيد مع أن الارتباط الذي بين الروح والبدن أقوى وأتم وألطف، وإذا تأملت هذه الكلمات علمت أن لا حاجة إلى ما أبدى في هذا المقام من التكلفات والتأويلات البعيدة التي منها أن هذا كان رؤية منام أو تمثيل أو إخبار عن وحي لا رؤية عين ‏(‏خاتمة‏)‏ أخرج ابن عساكر عن كعب أن قبر موسى بدمشق وذكر ابن حبان في صحيحه أن قبره بين مدين وبين بيت المقدس واعترضه الضياء المقدسي ثم ذكر أنه اشتهر أن قبره قريب من أريحاء بقرب الأرض المقدسة، وقد دلت منامات وحكايات على أنه قبره‏.‏ قال الحافظ العراقي‏:‏ وليس في قبور الأنبياء ما هو محقق إلا قبر نبينا صلى اللّه عليه وسلم وأما قبر موسى وإبراهيم فمظنون‏.‏

- ‏(‏حم م‏)‏ في المناقب ‏(‏ن‏)‏ في الصلاة ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك ولم يخرجه البخاري‏.‏

8172 - ‏(‏مررت يوم أسري بي بالملأ الأعلى وجبريل كالحلس‏)‏ بمهملتين أولاهما مكسورة كساء رقيق على ظهر البعير تحت قتبه ‏(‏البالي من خشية اللّه تعالى‏)‏ زاد الطبراني في بعض طرقه فعرفت فضل علمه باللّه عليَّ اهـ‏.‏ شبهه به لرؤيته لاصقاً بما لطى به من هيبة اللّه تعالى وشدة فرقه منه وتلك الخشية التي تلبس بها هي التي ترقيه في مدارج التبجيل والتعظيم حتى دعي في التنزيل بالرسول الكريم، وعلى قدر خوف العبد من الرب يكون قربه‏.‏ وفيه كما قال الزمخشري دليل على أن الملائكة مكلفون مدارون على الأمر والنهي والوعد والوعيد كسائر المكلفين وأنهم بين الخوف والرجاء‏.‏ قال الحكيم الترمذي‏:‏ وأوفر الخلق حظاً من معرفة اللّه أعلمهم به وأعظمهم عنده منزلة وأرفعهم درجة وأقربهم وسيلة والأنبياء إنما فضلوا على الخلق بالمعرفة لا بالأعمال، ولو تفاضلوا بالأعمال لكان المعمرون من الأنبياء وقومهم أفضل من نبينا صلى اللّه عليه وسلم وأمته‏.‏

- ‏(‏طس عن جابر‏)‏ بن عبد اللّه قال الهيثمي‏:‏ ورجاله رجال الصحيح، وقال شيخه العراقي‏:‏ رواه محمد بن نصر في كتاب تعظيم قدر الصلاة، والبيهقي في الدلائل من حديث أنس وفيه الحارث بن سعد الأيادي ضعفه الجمهور‏.‏

8173 - ‏(‏مر رجل بغصن شجرة‏)‏ لم يقل بغصن يشعر أنه لم يكن مقطوعاً ‏(‏على ظهر طريق‏)‏ أي ظاهره وفوقه ‏(‏فقال واللّه لأنحين‏)‏ لم يقل لأقطعن إيذاناً بأن الشجرة كانت ملكاً للغير أو كانت مثمرة ‏(‏هذا عن المسلمين‏)‏ بإبعاده الطريق ‏(‏لا يؤذيهم‏)‏ أي لئلا يضرهم ‏(‏فأدخل الجنة‏)‏ ببناء أدخل للمفعول أي فبسبب فعله ذلك أدخل الجنة مكافأة له على صنيعه، قال الحكيم‏:‏ لم يدخلها برفع الغصن بل بتلك الرحمة التي عم بها المسلمين كما يصرح به الحديث فشكر اللّه له عطفه ورأفته بهم فأدخله الجنة دار كرامته ومما يحقق ذلك ما روى أن عبداً لم يعمل خيراً قط ففرق فخرج هارباً ينادي في الأرض يا سماء اشفعي لي يا كذا يا كذا حتى وقع فأفاق فنودي قم فقد شفع لك من قبل فرقك من اللّه تعالى، وقال الأشرفي‏:‏ يمكن كون ذلك الرجل دخل بنيته الصالحة وإن لم ينحه ويمكن كونه نحاه قال الطيبي‏:‏ والفاء على الأول سببية والسبب مذكور وعلى الثاني فصيحة تدل على محذوف هو سبب لما بعد الفاء أي أقسم باللّه أن أبعد الغصن من الطريق ففعل، وقوله لا يؤذيهم جملة مستأنفة لبيان علة التنحية‏.‏

- ‏(‏حم م‏)‏ في البر ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ ظاهره أنه مما تفرد به مسلم عن صاحبه وليس كذلك فقد عزاه الصدر المناوي وغيره لهما معاً‏:‏ البخاري في الصلاة وغيرها ومسلم في البر ‏[‏ص 521‏]‏ كلاهما عن أبي هريرة‏.‏

8174 - ‏(‏مروا‏)‏ وجوباً ‏(‏أولادكم‏)‏ وفي رواية أبناءكم قال الطيبي‏:‏ مروا أصله أمروا حذفت همزته تخفيفاً فلما حذفت فاء الفعل لم يحتج إلى همزة الوصل لتحريك الميم ‏(‏بالصلاة‏)‏ المكتوبة ‏(‏وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين‏)‏ يعني إذا بلغ أولادكم سبعاً فأمروهم بأداء الصلاة ليعتادوها ويأنسوا بها فإذا بلغوا عشراً فاضربوهم على تركها قال ابن عبد السلام‏:‏ أمر للأولياء والصبي غير مخاطب إذ الأمر بالأمر بالشيء ليس أمراً بذلك الشيء ‏(‏وفرقوا بينهم في المضاجع‏)‏ أي فرقوا بين أولادكم في مضاجعهم التي ينامون فيها إذا بلغوا عشراً حذراً من غوائل الشهوة وإن كن أخواته قال الطيبي‏:‏ جمع بين الأمر بالصلاة والتفرق بينهم في المضاجع في الطفولية تأديباً ومحافظة لأمر اللّه كله وتعليماً لهم والمعاشرة بين الخلق وأن لا يقفوا مواقف التهم فيجتنبوا المحارم ‏(‏وإذا زوج أحدكم خادمه عبده أو أجيره فلا ينظر إلى ما دون السرة وفوق الركبة‏)‏ وفي رواية فلا يرين ما بين سرته أو ركبته فإن ما بين سرته وركبته من عورته وفي رواية للدارقطني فلا تنظر الأمة إلى شيء من عورته فإن ما تحت السرة إلى ركبته من العورة‏.‏

- ‏(‏حم د ك‏)‏ من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه ‏(‏عن‏)‏ جده ‏(‏ابن عمرو‏)‏ بن العاص قال في الرياض بعد عزوه لأبي داود‏:‏ إسناده حسن‏.‏

8175 - ‏(‏مروا‏)‏ بضمتين بوزن كلوا بغير همز تخفيفاً وفي رواية للبخاري مري بوزن كلي خطاباً لعائشة ‏(‏أبا بكر‏)‏ الصديق ‏(‏فليصل‏)‏ بسكون اللام الأولى وفي رواية فليصلي بكسرها وزيادة ياء مفتوحة آخره والفاء عاطفة أي فقولي له أو قولي فليصل، وقد خرج بهذا الأمر عن أن يكون من قاعدة الأمر بالأمر بالفعل فإن الأصح أنه ليس أمراً وفي رواية للبخاري يصلي بإثبات الياء وإسقاط اللام وفي رواية له أن يصلي ‏(‏بالناس‏)‏ الظهر والعصر والعشاء وفي رواية للناس أي المسلمين قاله لما ثقل في مرض موته فصلى أبو بكر أياماً ثم وجد خفة فخرج يهادى بين رجلين فذهب أبو بكر يتأخر فأومئ إليه أن مكانك وجلس على يساره فصلى قائماً والنبي صلى اللّه عليه وسلم قاعداً مقتدياً بأبي بكر، وللحديث فوائد لا تكاد تحصى منها أن الأفقه يقدم على الأقرأ في الإمامة لأنه كان ثمة من هو أقرأ من أبي بكر لا أعلم، كذا في فتح القدير‏.‏